الظل الثالث غزة، اليمن،القاهرة

الظل الثالث - قصة مشوقة

الظل الثالث

الفصل الأول: نغمة من القاهرة

في أحد أحياء القاهرة القديمة، وتحديدًا في حي الجمالية، كان الدكتور "حسين النبوي"، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، يجلس في مكتبه الصغير وسط أكوام من المخطوطات القديمة.. بدا عليه التوتر، ليس بسبب التحضيرات لمؤتمر إسطنبول، بل بسبب الظرف الغامض الذي وُضع تحت بابه منذ ساعات الفجر الأولى. لم يكن عليه عنوان ولا ختم، فقط اسمه مكتوب بخط عربي قديم: "إلى حسين النبوي، من حيث لا تدري فتح الظرف ببطء، ليجد داخله صورة لرجل يرتدي الزي اليمني التقليدي، واقف بجانب نقش حجري محفور عليه: "الظل الثالث لا يُرى، لكنه يصنع التاريخ." في الخلف، وُجدت خريطة يدوية صغيرة عليها إحداثيات تشير إلى شمال اليمن، تحديدًا مدينة صعدة. قلب حسين الصورة وتمعن فيها مرارًا، حتى لاحظ أن النحت الموجود خلف الرجل يشبه النقوش التي ظهرت في بعض الوثائق التي كان يدرسها قبل سنوات عن الحركات السرية التي ظهرت بعد انهيار الدولة الفاطمية. في اللحظة ذاتها، تلقى حسين رسالة إلكترونية من عنوان مجهول، مضمونها بسيط وغريب: "إذا أردت أن تعرف من أنت حقًا، اتبع الضوء في غزة." .الرسالة أشعلت داخله نارًا من الفضول والقلق. لم يكن له أقارب في غزة، لكن عقله ذهب فورًا إلى إياد السقا، زميله القديم في الجامعة والذي اختفى فجأة قبل أكثر من عشرين عامً

الفصل الثاني: الحلقات المفقودة

قبل أن يسافر إلى اليمن، عاد حسين إلى مكتبته الشخصية، وبحث بين دفاتر ملاحظاته القديمة.التي تعود إلى التسعينات. كان يبحث عن أي أثر لإياد، لكنه وجد شيئًا آخر. داخل أحد الكتب التي لم يفتحها منذ سنوات، وُجدت رسالة مكتوبة بخط اليد، بخط يشبه إلى حد كبير خط إياد. محتوى الرسالة كان كالتالي: "حسين، إن قرأت هذه الرسالة، فاعلم أن التاريخ الذي ندرّسه ليس إلا ظلًا لما كان. هناك ثلاثة مفاتيح: الأول في غزة، والثاني في صعدة، والثالث في القاهرة، معك منذ الطفولة دون أن تدري. إياك أن تثق في العميد. إياد." الرسالة كانت صادمة. العميد؟ الدكتور عبد العال، عميد الكلية، كان يعتبره حسين بمثابة والده الروحي! ومع ذلك، بدأ يتذكر أمورًا مريبة حدثت في السابق: ملفات اختفت من الأرشيف، أوراق بحثية تم منع نشرها، وتوصيات غامضة من العميد بإلغاء محاضرات تتعلق بتاريخ الحركات الصوفية في اليمن. قرر حسين أن يبدأ الرحلة، ولكن بصمت.

الفصل الثالث: جبال اليمن

بجواز سفر دبلوماسي مزيف، سافر حسين إلى اليمن، وتحديدًا إلى مدينة صعدة.. الجو كان خانقًا، والمدينة تعيش أجواء متوترة بسبب النزاعات المسلحة. ادعى حسين أنه باحث في العمارة الإسلامية القديمة، وتمكن من الحصول على مرافقة من السلطات المحلية للوصول إلى منطقة جبلية نائية. هناك، التقى بـ"عالية عبد الله"، شابة يمنية في الثلاثين من عمرها، تعمل مرشدة في مركز لحماية التراث اليمني. كانت عالية ذكية، ذات عينين واسعتين، وتمتلك معرفة تفصيلية عن تاريخ القبائل اليمنية القديمة. قادته عالية إلى كهف في جبال رازح، حيث وُجدت نقوش تشبه إلى حد كبير تلك التي رأها في الصورة. ولكن المثير أن هناك جملة كاملة غير مكتملة بسبب تحطم جزء من الجدار. كان نصها: "من غزة جاء النور، ومن اليمن انطلقت السيوف، وفي القاهرة..." "...سقط الحجاب." همست عالية. سألها حسين: "كيف عرفت نهاية الجملة؟" أجابت: "جدي كان أحد حفظة هذا النقش، وكان دائمًا يكررها لي في طفولتي

الفصل الرابع: أثر في الرمال

بالتعاون مع عالية، اكتشف حسين صندوقًا حجريًا صغيرًا داخل الكهف.. داخله، خريطة مشفرة وأربع قطع نقدية قديمة. كل قطعة كانت محفورة برمز: نسر، نخلة، ميزان، وسيف. قالت عالية: "الأسطورة اليمنية تتحدث عن أربعة حماة للتاريخ، كل واحد يحمل رمزًا. هؤلاء شكلوا جماعة سرية لحماية وثيقة اسمها "النسخة الأصلية"، تُقال إنها بخط يد النبي محمد عليه الصلاة والسلام." كان حسين مشوشًا. هل يعقل أن يكون ذلك حقيقيًا؟ إن صح هذا، فهذا الاكتشاف يمكن أن يغير مجرى التاريخ الإسلامي بأكمله. لكن قبل أن يغادر اليمن، تم اختطاف عالية من قبل مجموعة مسلحة مجهولة، واتُّهم حسين زورًا بالتجسس. لم ينقذه سوى تدخل شخصية غامضة يدعى "أبو فيصل"، أخبره أن وقت العودة إلى غزة قد حان

الفصل الخامس: ضوء من غزة

بعد عبور صعب ومرهق، وصل حسين إلى غزة عبر الأنفاق.هناك، استقبله رجل مُسن يُدعى "عمرو السقا"، والد إياد، الذي ما زال حيًا. أخبره أن إياد لم يمت، بل دخل في عمق الشبكة السرية لحماية الوثيقة. سلمه عمرو مفتاحًا من البرونز، وقال له: "هذا يفتح قبوًا تحت مسجد قديم في خان يونس، حيث ستجد ما يبحث عنه الجميع." في القبو، وجد حسين غرفة صغيرة تحتوي على صندوق معدني، بدا عليه آثار الحرق والتآكل. داخل الصندوق، مخطوطة جلدية ملفوفة بخيوط ذهبية. قبل أن يتمكن من قراءتها، تعرض لهجوم من قبل رجال ملثمين. لكن أحدهم توقف فجأة وهمس له: "الظل الثالث يحمي من يُفترض أن يرى. اهرب إلى القاهرة، ولا تلتفت."

الفصل السادس: القاهرة تحترق

عاد حسين إلى القاهرة، والصدمة لم تفارقه.. ذهب مباشرة إلى مكتبه بالجامعة، وهناك وجد مكتبه مُحطمًا، ومساعده الشاب مختفي. قاده حدسه إلى بيت العائلة في حي مصر الجديدة. وهناك وجد صندوقًا خشبيًا قديمًا يعود لجده، بداخله دفتر مذكرات كُتب فيه: "إياد ليس الأول، وأنا كنت الثاني، وأنت الثالث." أدرك حينها أن جده كان أحد أعضاء جماعة "ظل الفاتحين". وفي مخبأ خلف جدار البيت، وجد حسين مرآة نحاسية محفور على إطارها الآية: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"، وتحتها، قطعة نقدية خامسة لم يرها من قبل... تحمل نقشًا مزدوجًا: هلال ونخلة متشابكين.

الفصل السابع: الحقيقة المحرّمة

بدأ حسين بتجميع كل الخيوط. اكتشف أن جماعة "ظل الفاتحين" تأسست بعد سقوط الأندلس.، وكان هدفها حماية الوثائق الأصلية للإسلام التي كانت تُخزن في أماكن سرية. المخطوطة التي في حوزته، والتي نجح أخيرًا في ترجمتها، لم تكن فقط خطبة الوداع، بل أيضًا وصية نبوية تتحدث عن أمة الإسلام في المستقبل، تحذر من تحريف الحكام، وتوصي بحماية العلم واللغة. نُسخ ثلاث من هذه الوثيقة أُرسلت إلى ثلاث مدن: غزة، اليمن، ومصر. ولكن تم تتبعها من قبل قوى استعمارية لاحقًا، وسعت إلى تدميرها

الفصل الثامن: المواجهة الأخيرة

في مؤتمر علمي دولي بالقاهرة، حضر حسين متخفيًا.، وعرض مقتطفات من الوثيقة أمام نخبة من الأكاديميين والصحفيين. لكن في منتصف العرض، تم اقتحام القاعة، وأُعلن أنه مطلوب للتحقيق. هرب حسين، بمساعدة عالية التي عادت بعد أن تمكنت من الهروب من خاطفيها. هربا معًا إلى صعيد مصر، وهناك في معبد فرعوني قديم، أخرج حسين القطع النقدية الخمس، وفتح بوابة كانت مخفية منذ قرون. خلف البوابة، وجد صندوقًا زجاجيًا يحتوي على النسخة الثالثة والأخيرة من الوثيقة الأصلية.

الخاتمة: ظل المستقبل

بعد أن قام بتصوير كل الوثائق وحمايتها على خوادم مشفرة، جلس حسين وعالية على ضفاف النيل. قال لها: "هذه ليست نهاية القصة، بل بدايتها." وصلته رسالة جديدة على هاتفه، بدون عنوان، فقط جملة: "الوجهة القادمة: الجزائر، المفتاح السادس في القصبة القديمة." ابتسم، ونهض

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع