الملك الحكيم

🕊️ الهدهد والنملة والملك الحكيم 🐜👑

حكاية مستلهمة من القصص القرآنية دون تحريف، بأسلوب قصصي راقٍ للأطفال والناشئة، تُنمّي الخيال اللغوي والذائقة، وتُضيء معاني الشكر والحكمة والشجاعة.

الهدهد والنملة
🕊️ الهدهد يعلو في السماء… 🐜 والنملة الصغيرة تحرس قومها بحكمة.

🌅 مُلكٌ لا يشبه سواه

في زمنٍ تُشرقُ فيه الشمس على وديانٍ خضراء وتغفو خلف جبالٍ زرقاء، آتى اللهُ سليمانَ عليه السلام مُلكًا واسعًا وعلمًا باهرًا، فخضعت له جنودٌ من الإنس والجنّ والطير، لا بسطوة القهر، بل بميزان العدل والحكمة. وكان عليه السلام يشكرُ نعمة ربّه، ويعلم أن الملك ظلّ زائل إن لم يلبس ثوب الشكر والعمل الصالح.

كان موكبُه إذا سارَ ارتجّتِ الأرضُ مهابةً، وارتفعت الطيورُ فوقه ظِلالًا رقيقة، والجنّ يعملون بين يديه في عمرانٍ لا يعرف الكسل. لكنّ أجمل ما أُوتي: فهمُ لغات المخلوقات؛ يسمع همسَ النمل، ويدرك رسائل الرياح، ويقرأ زقزقة الطير كما تُقرأ الحروفُ في كتابٍ مفتوح.

🐜 نملةٌ صغيرة… وقلبٌ كبير

مرّ الجيشُ يومًا بوادٍ أخضر، وفي جوفه مستعمرةُ نملٍ لا تهدأ. كانت نملةٌ صغيرة تقف على صخرةٍ بحجم حبة زيتون، تُراقب الحركةَ في حكمةِ القادة الكبار. حدّقتْ في الأفق، فإذا بالغبارِ يعلو، وصهيلُ الخيلِ يدوّي. أدركتْ أن جيشًا عظيمًا يقترب.

“يا أيها النملُ، ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون!”

سرتِ الإشارةُ في أروقةِ الجحور، فتدافعَ النملُ في نظامٍ مدهشٍ كالسيلِ إذا انحدر، وتحوّلَ وجهُ الوادي إلى نُقَطٍ سوداء تنسابُ في صمت. وبلغ الصوتُ مسامعَ سليمان عليه السلام، فتبسّم وقال شاكرًا:

“رَبِّ أَوْزِعْني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ… وأن أعملَ صالحًا ترضاه.”

💡 عِبرة: الشجاعة لا تُقاس بالحجم. قد تُنجي كلمةٌ صادقةٌ قومًا بأكمله.

🕊️ أين الهدهد؟

كان في جنودِ الطير هدهدٌ ذكيّ، ريشُه كالثوب الموشّى، وعُرفُه تاجٌ صغير. لم يكن مجرد طائر، بل عينُ الملك؛ يطيرُ بعيدًا يستكشفُ البلاد، ويعودُ بالأخبار. وفي يومِ العرضِ لم يُرَ الهدهد بين الصفوف. فقال سليمان عليه السلام:

“ما لي لا أرى الهدهد؟ أم كان من الغائبين؟ لأعذّبنّه عذابًا شديدًا… أو ليأتيني بسلطانٍ مبين.”

هيبةُ النظام لا تُساوِم، لكنّ الغياب هذه المرة كان يحملُ في جناحيه خبرًا يهزُّ العروش.

👑 سبأ… عرشٌ يلمع ويغيب عنه النور

طار الهدهدُ حتى بلغ سبأ؛ أرضًا بعيدةً حدائقها تجري، وقصورها كالذهب السائل. في قلبها تجلسُ ملكةٌ حكيمة: بلقيس، على عرشٍ عظيم مرصّعٍ بالجواهر. بهر الجمالُ الهدهدَ، غير أنّ قلبه انقبض حين رأى القوم يسجدون للشمس دون الله.

عاد الهدهدُ مسرعًا، وقال للملك: “أحطتُ بما لم تُحط به… وجئتك من سبإٍ بنبإٍ يقين.” ثمّ حدّثه عن الملكةِ وعرشها وقومها وما يعبدون.

📜 رسالةٌ تبدأ باسم الله

كتب سليمان عليه السلام كتابًا قصيرًا، عظيمًا في البصيرة: “إنه من سليمان، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين.” حمله الهدهدُ بمنقاره، وألقاه في محرابِ الملكة. قرأتهُ بلقيس، فارتجّ المجلس؛ خطابٌ لا يطلب ذهبًا ولا جزية، بل يدعو إلى السِّلمِ مع الحقّ.

تردّدَ الملأُ بين حربٍ وهدية، فقالت بلقيس بحكمة: “إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها…”، ثم قررت اللقاء وجهًا لوجه.

⚡ آيةُ العرش… وحُجّةُ العلم

أراد سليمان أن يُريها آيةً تُبطل سحر الزينة وزخرف العرش. قال: “أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين؟” فقال عِفريتٌ من الجن: “أنا آتيك به قبل أن تقومَ من مقامك.” ثم قال الذي عنده علمٌ من الكتاب: “أنا آتيك به قبل أن يرتدّ إليك طرفك.” فإذا بالعرشِ حاضرٌ في طرفةِ عين!

دخلت بلقيس، فرأت عرشَها، وتبدّلت داخلها موازينُ الإدراك. لم تعد الشمسُ إلهًا، بل مخلوقًا، ولم يعد العرشُ مصدرَ الهيبة، بل العلمُ والحُجّة. قالت موجّهةً قلبها للسماء: “ربّ إني ظلمتُ نفسي وأسلمتُ مع سليمان لله ربّ العالمين.”

🌟 دروسٌ تبقى

  • العلمُ نورٌ وهداية: فهمُ اللغاتِ آية، لكنه يُثمرُ شكرًا لا كِبرًا.
  • الحكمةُ قوة: نملةٌ صغيرة أنقذت قومها، وملكةٌ حكيمة نجت بقومها.
  • الحقُّ أوضحُ من الذهب: عرشٌ عظيم لا يصمد أمام آيةٍ من الله.
  • الصغرُ لا يمنع الأثر: الهدهدُ رسولُ حقّ، وكلمةُ صدق تغيّر طريق أمة.

🐜 • 🕊️ • 👑

للوالدين والمعلّمين: يمكن تحويل القصة إلى نشاط صفّي:
  1. تقسيم الأدوار: الراوي، النملة، الهدهد، بلقيس، أحدُ الجنود.
  2. سؤال نقاش: ما الفرق بين الزينة والحقيقة؟ بين العرش والعِلم؟
  3. نشاط مفردات: استخراج 10 كلمات جميلة واستعمالها في جُملٍ من إنشائهم.
عرش سبأ
👑 عرشٌ يلمع… لكنّ القلب لا يضيئه إلا الحق.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان أدسنس أول الموضوع

إعلان أدسنس أخر الموضوع